"نتنياهو يزور جنوب السودان"
أحست الدولة المحتلة بأن جحورها العربية التي مكنها زعماؤها قبل الثورات العربية من ولوجها والانطواء فيها كاملة، أو ولوج رأسها فقط، الذي مهد لما بقي من جسما من الولوج، فبدأت تفتح أنفها لتشم، أي رائحة تشير لها إلى جحر جديد - مهما ضاقت مسافته - لتأوي إليه، ليطمئنها بالأمن فيه، ويوفر لها إخراج لسانها لتنفث منه بسمها موضعا من جسم بعض أعدائها، فوجدت في جنوب شرق السودان تلك الدولة الجديدة المتهالكة، التي يرهبها مستقبلها المجهول، من حيث مصادر الدعم التي تسندها لتصل إلى هدفها الذي، الذي انفصلت من أجل الوصول إليه، من السودان الأم التي أضعفتها خلافات أهلها ونزاعاتهم، فضعفت ضعفا مكن لفصيل من جنوبها من الصراع معها - بدعم من أعداء الشعوب الإسلامية المعروفين في الغرب ومعهم الدولة اليهودية الصهيونية - أن تنفصل منها وتعلن نفسها دولة جديدة، فتم لها ما أردت.
وهي تطمع - إذا استقرت أمورها - في التوسع على حدود السودان الجنوبية، لتحصل على ما يقويها من الثروة المادية، وبخاصة "البترول" لتستجلب به الدعم الكامل من الدول الكبرى وشركاتها المتعطشة على النصيب الأكبر منه بثمن بخس لدولة مضطرة إلى ذلك، حتى يستتب لها قيام دولة قوية نسبيا، تنافس الدولة الشمالية وتتحصن من استقوائها عليها في مستقبل الزمان، ومن القبائل الجنوبية التي تنافسها في الحكم.
فوجدت هذه الدولة الوليدة الضعيفة، حيوانات - متوحشة قوية - من الشرق والغرب، كما وجدت زميلا لتلك الحيوانات - ضَبُعا - شديد الشبق فاتحا فاه مكشرا عن أنيابه لينهش منها ما يقدر عليه، ولو بقايا ميتات، ليتمكن من المأوى الآمن في أرض تلك الدولة، ووجود موطئ قدم جديد، لمآرب كبرى بالنسبة له، وهو التوسع في منطقة القرن الأفريقي من أوغندا إلى كينيا - ليضمها إلى الدول التي يأمل دعمها له - وبخاصة في الأمم المتحدة التي يخاف من إجماعها على قيام دولة فلسطينية - ولو مشوهة مقطعة الأوصال- على غير ما يطمع فيه من المناطق التي حددها لنفسه.
ولذلك أعلن اليهود عزمهم على إقامة حلف مع هذه الدولة وعلى دعمهم لها، وقررت الدولة نفسها إقامة علاقات دبلوماسية مع اليهود، وتكررت زيارة هؤلاء لهذه الدولة، وأغراها بعض اليهود الذين زاروها من الدولة المحتلة لأرض فلسطين، بما يسيل لعابها مما هي تحتاج إليه: " وقال دانون نائب رئيس الكنيست الذي ترأس وفدا يهوديا لزيارة جوبا -في تصريحات صحفية بالقصر الرئاسي الجنوبي عقب اجتماعه مع رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت- : "إن إسرائيل ستتعاون مع جنوب السودان في مجالات الزراعة والعلوم والتكنولوجيا."
وسبب ذلك أن بعض الدول العربية أخافتهم بديمقراطية حقيقية بدأت تظهر فيها، فأرادوا أن يدعموا ديمقراطية جديدة لا تخيفهم، بل تتحالف معهم ضد الديمقراطيات العربية. وقال دانون آنذاك: "إن إسرائيل ستساعد جمهورية جنوب السودان لتتمكن من بناء اقتصادها و"لتكون صديقا حقيقيا لها في بناء الديمقراطية في أفريقيا"، معربا عن سعادته بزيارة جنوب السودان" مع العلم أن اليهود كانوا يُعَيِّرون الدول العربية بالدكتاتورية، وكانوا يتمنون أن تكون ديمقراطية ظنا منهم أنها إذا كانت ديمقراطية، فستوفر لهم الاستقرار بالصلح الذي يرضيهم.
وسيتوج تلك الزيارات، رئيس وزرائها "نتنياهو" العدو اللدود للعرب الذين يترددون في الاعتراف بها رسميا - وبخاصة الفلسطينيين الذين لم يدخلوا معها في مفاوضات هزيلة - وللمسلمين بصفة عامة، ليبرم الصفقة مع الدولة في جنوب السودان، وفي ذلك من المصالح لليهود ما يأتي:
أولا: زيادة نشاطها السياسي، والثقافي، والاقتصادي، والعسكري، والاستخباري في المنطقة بالتعاون مع بقية سفاراتها فيها - كإريتريا، وأثيوبيا، وكينيا، وأوغندا -.
ثانيا: مشاركة دول المنطقة، بتهديد الدولتين العربيتين -السودان ومصر - في نصيبهما من مياه نهر الليل، للضغط عليهما، كلما أحست بالحاجة على ذلك، واستفادتها هي أيضا من تلك المياه.
ثالثا: محاولة حشد الدول الأفريقية، التي تقع جنوب الصحراء الكبرى، للضغط بها على الدول العربية في شمالها، ولها ما يسندها من الدول الغربية، - أمريكا والدول الأوربية - لتكون على الدول العربية كماشة من الشمال ومن الجنوب، تساعد الدولة المحتلة بما يحقق لها شيئا من أهدافها.
http://www.aljazeera.net/Mob/Templat...D-3F6EBDAE1B26