[color=00008B
]فريقان يستعدان لاستقبال رمضان:
الفريق الأول: عباد الرحمن الذين يعدون أنفسهم للإقبال على ربهم سبحانه وتعالى، ويسلكون سبله ذللا، كالنحل الذي ألهمه الله طلب رحيق الأزهار الطرية التي يقطفها من الغابات والنباتات التي خلقها الله له في أعالي الجبال وفي بطون الأودية، وفي كل فضاءات الأرض، فيأكل من كل ثمراتها، ويحول ما أكله إلى عسل مصفى مختلف الألوان فيه شفاء للناس.
وأزهار غابات شهر رمضان ليست خافية على النحل البشري المؤمن الذي قد تتبع سبلها وصنفها في عقله وقلبه، ليتنقل فيها من أول ليلة من ليالي الشهر المبارك، إلى آخر ليلة منه، راعيا من ثمراتها، متلذذا بطعومها التي لا تلذ إلا لمن طلبها واختارها على سائر طعوم الدنيا ولذاتها، مالئا قلبه بشافي أدويتها التي صنعها له ربه.
فهو حريص على قطف أزهار أشجار غابات كتاب الله الكريم، تاليا آياته بمفرده أو مع أسرته، متدبرا لمعانيه وحكمه، مفتشا فيه عن محاسن أعماله، ليزداد منها ويحرص على دوامه عليه، وعن عيوب نفسه ووساوس شيطانه له الذي يحرص على صرفه عن طاعة ربه بوساوسه إلى اتباع خطواته، فيشتد حذره منه لأنه يعلم عداوته له وحرصه على إضلاله، ملتفتا إلى حكمة إنزال الله لكتابه في هذا الشهر الكريم: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ... (185)} [البقرة]
كما يحرص على سماعه والإصغاء له، في رياضه ببيوت الله، في صفوف متراصة كصفوف الملائكة عند ربها: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36)} [النور] في صلوات الجماعة المفروضة عليه، وفي قيام الليل الذي يختم في لياليه المباركة كثير من الأئمة كتاب الله، فلا تنتهي تلك الليالي، إلا وسقت صفحات القرآن قلبه بشآبيب مزنها الكثير، وروته من أنهار مائها العذب النمير.
إذا سمع آيات صفات المؤمنين الصالحين، وجزاءهم عند ربهم، طار قلبه اشتياقا إلى رفقتهم، وطمعا في اجتماعه معهم على سرر متقابلين وسأل الله أن يجعله منهم، وإذا سمع صفات الكفرة من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين، ومرتكبي الفواحش والمنكرات من عصاة المؤمنين، ضاق صدره ونفر طبعه واشتد خوفه وخشيته من مصيرهم، واستعاذ الله من صفاتهم وأعمالهم وأليم عقابهم.
إنهم يعلمون أن الله تعالى شرع للأمة الإسلامية صوم نهار شهر رمضان، وقيام ليله، والإكثار من تلاوة كتابه، والاجتهاد في ذكره وطاعته، لتحقق بذلك تقواه: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)? [البقرة]
وتحقق شكره الذي لا يتمكن من تحقيقه إلا من جد في طاعته، وأحضر قلبه وجوارحه ولبه في الإقبال على ربه: ?وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)? [البقرة]
ولأهل رمضان قرنا ورفيق:
والإنسان لا يخلو من قرنا ورفقاء في حياته، فمن سلك صراط الله حرص على قرناء الخير الذين يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر، ويذكرونه بالله تعالى، فيحوز بذلك مرافقتهم في طاعة الله ونيل رضاه: ?وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (69) ? [النساء]
ويحرصون على صحبة قرناء الخير أهل العفو والمغفرة والرضوان، وهم الذين يصومون عن ظاهر الإثم الذي حرمه الله عليهم، مما كان أصلا حلالا لهم، من طعام، وشراب، وجماع، و كل المحرمات في الصوم وغيره مما يصد عن ذكر الله وتقواه وشكره، و تصوم قلوبهم عن وباطن الإثم، وهو معاصي القلوب من كبر وحسد وسباب وغيبة ونميمة، والإصرار على أي معصية من كبائر الذنوب، بل وصغارها.
إنهم يكثرون من تلاوة كتاب الله وتدبره والعمل بما فيه، و يصومون نهار هذا الشهر، ويقومون ليله، ويكثرون من دعائه ليقبل أعمالهم، ويبلغهم إتمام صيامه، ويوفقهم لشد مآزرهم في العشر الأخير منه، ولموافقة عبادته التي تقربهم إليه في ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وحضور صلاة عيده التي يقسم الله فيها جوائز عباده الصالحين، وأداء صدقة الفطر قيل الصلاة لتكون طهرة لهم عنده سبحانه.
واختر لنفسك يا أخي المؤمن مرافقة من تحب، إما الله ورسوله والصالحين من المؤمنين: ?قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) ? [آل عمران]
وفي حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟) قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ، وَلاَ صَوْمٍ، وَلاَ صَدَقَةٍ وَلكِنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسولَهُ قَالَ: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) [اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان]
وتأمل تعليق أنس راوي الحديث رضي الله عنه عليه، قال: "فما فرحنا بعد الإسلام، فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم (فإنك مع من أحببت).
قال أنس: "فأنا أحب الله ورسوله. وأبا بكر وعمر. فأرجو أن أكون معهم. وإن لم أعمل بأعمالهم." [هذه الرواية في صحيح مسلم.]
إن الذين يحيون مرافقة {النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} هم النحل البشري الذي يسلك سبل ربه ذللا، فتجده يصنع في كل سبيل يسلكه عسلا مصفى متعدد الألوان فيه شفاء للناس:
هذا غني يصرف أموله في طاعة الله، ينصر المجاهدين في سبيل الله، ويطعم الفقراء من عباد الله، ويعين الدعاة إلى الله، بوسائل إعلامية، من فضائيات، ومساجد ومعاهد ومدارس، وجامعات وكتب وصحف ومجلات، وييسر للعزاب والعوانس الزواج، ليطهرهم من رجس الشيطان، ولا يجد بابا من أبواب الخير التي تنفع الإسلام والمسلمين إلا أسهم فيه بما يقدر عليه.
وأهل العلم الصالحون الذين يخشون الله حق خشيته ينشرون علمهم في أي وسبلة من وسائل النشر والإعلام مبينين للناس الحق من الباطل، لا يخافون في الله لائم.
ورجال الإعلام ونساؤه الصالحون، يُعدون للمسلمين أفرادا وأسرا وجماعات، في أجهزة إعلامهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، في إيمانهم وأعمالهم الصالحة التي تقربهم إلى الله، وفي سياساتهم، وفي اقتصادهم وفي سلوكهم وأخلاقهم، ليكونوا كما أراد الله خير أمة أخرجت للناس، يجمع لهم ويتصيد الأخبار التي تسرهم وتثلج صدورهم، ولو سخط عليه أعداؤهم، ويحضر لهم من المناهج من أهل الاختصاص، ما يبين لهم حقائق الأمور في الأفكار والأخلاق السياسة والاقتصاد والطب، وما يعده لهم أعداؤهم من مكايد وأخطار، محللا، محذرا ناصحا.
ولا نستطيع أن نعدد صفات المؤمنين، أهل رمضان وأهل طاعة الرحمن، والخلاصة أنهم يبيتون ويصبحون، على طاعة الله وذكره والتماس كل سبب يرضيه عنهم، ليسجلوا في صحائف أعمالهم ما يثقل موازينهم عنده، ويسعون كلٌّ فيما يجيده إلى تحقيق الأمة الإسلامية طاعة ربها والتزود في هذا الشهر العظيم، بزاد التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة].
هذا هو الفريق الأول من الفريقين.
أما الفريق الثاني، فهم أعداء طاعة الله وأعداء المطيعين له، الذين يستعدون من وقت مبكر لعون الشيطان على إغواء المسلمين وإبعادهم عن طاعة ربهم، بشتى الأسباب التي يجيدونها من اللهو واللعب، اللذين يصرفون به المسلمين عن تلاوة القرآن وتدبره وفهم معانيه والعمل بما فيه، ومن ارتياد المساجد لأداء الصلوات المفروضة، والانتظام في صفوف أولياء الله في قيام الليل للإصغاء لتلاوة أئمة المساجد الذين يرتلون كتاب الله كل ليلة من ليالي رمضان، في خشوع قلوبهم واطمئنانها إلى ذكر الله، دموعهم تسيل من عيونهم على خدودهم تأثرا بما يسمعون، والجماهير من خلفهم يشتد خوفهم من مواعظ كتاب الله، وتطمع نفوسهم في ضيافة الله التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، يحاول أعداء رمضان وأعداء ذكر الله أن يلهوا المسلمين عن هذا الفضل العظيم، بما أعدوه لهم من الأغاني الرخيصة، والرقص الماجن والمسلسلات القذرة، التي يغري بها الإعلام الحقير الذي يقوده ويعد مناهجه أموات القلوب ممن استسلموا لوساوس الشيطان واتباع خطواته، معارضين لما نهاهم الله عنه، في مثل قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ...(21)}[النور]
محبين لما يبغضه الله تعالى من نشر أسباب المنكر والفواحش التي قال الله تعالى عنها وعن أهلها: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19) } [النور]
ومنهم من يعد مناهج لتضليل المسلمين وإفساد عقولهم، وملئها بقذارة المبادئ المعادية لشرع الله والالتزام بأحكامه ونوره المبين، فيصطادون لمناهجهم المضللة، مَن فسدت عقولهم بتلك المبادئ ممن يسمونهم بالمفكرين والمبدعين من تلاميذ المستشرقين والمنصرين، ويعلون من شأنهم، في الفضائيات ليقنعوا بأفكارهم عامة الناس للتقليل من شأن الحق، واحتقار أهله من علماء الأمة المعتبرين، ليهدموا بتلك الأفكار ثوابت هذا الدين، ويشككوا فيها المسلمين، بحجة اختلاف العصور والبيئات، وهي كلمة حق أريد بها الباطل، فإن اختلاف الفتاوى لتغير الأزمان والبيئات والأشخاص، إنما تكون في غير ثوابت الشريعة الإسلامية التي دل على ثباتها نصوص كالجبال الرواسي، من الكتاب والسنة، ثم الذين لهم حق الاجتهاد فيها هم الفقهاء في دين الله، الذين أفنوا أعمارهم في دراسة دين الله وقواعد علم الشريعة، و أحال الله إليهم الجاهلين في قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83)} [النساء]
هؤلاء يحرمون الناس من فضائل هذا الشهر الكريم وحسناته العظيمة، وهم قرناء السوء من حزب الشيطان الذين حذرنا الله تعالى منه ومنهم، فقال تعالى: ?إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)? [فاطر]
ولقد أقسم على إغواء بني آدم بكل وسيلة ومن كل الجهات المكانية - ومثلها الظروف الزمانية – على ذلك الإغواء وعلى صرفهم عن شكر الله الذي يحققه لهم صوم شهر رمضان الذي شرعه الله: ?قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)? [الأعراف]
ومن أعمى الله قلبه، واتبع سبيل عدوه الشيطان آثر مصاحبة قرناء السوء الذين يضلونه عن صراط الله: فيتيه في حياته ويبتعد عن طاعة الله، ويكثر من معاصيه، و عندما يعاين عقاب الله له في الآخرة، يتمنى أنه رافق الصالحين وبعد عن مرافقة الشياطين، و يندم يوم لا ينفعه الندم.
قال تعالى: ?وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتىَ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً (29)? [الفرقان]
وقال تعالى: ?وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) ? [الزخرف]
ولقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثلا لقرين الخير وجليسه، وقرين الشر وجليسه، وضح فيه طيب رائحة الأول، وخبث رائحة الثاني، ليختار المكلف ما يلائم طبعه وهمته من الرائحتين، ففي حديث أَبِي مُوسى رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَثَلُ جَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً [اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي]
فيا أيها المؤمن اغتنم فرصة هذا الشهر المبارك، إن كنت من أهل طاعة الله فازدد به طاعة الذين يحبون الروائح الزكية الندية، وإن كنت من أهل المعاصي فتب إلى ربك فيه، وكن مع أهله بدلا من أن تكون من أتباع الشيطان وخطواته الذين يعشقون الروائح الكريهة المنتنة:
?وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (169)? [البقرة]
فاختر من تحب: إما الله ورسوله وصالح المؤمنين، ورائحة حامل المسك الذي ينبغي أن تتخذه جليسا وقرينا، وإما الشيطان الرجيم وحزبه وخطواته و أولياءه الخاسرين: الذين هم أعداء لعباده الصالحين وأعمالهم الطيبة، ليحرقها بنفخ كيره و مسلسلات شياطين شهر رمضان، وكل ما يصدك عن طاعة الله وذكره وشكره، اختر أن تكون نحلة تقطف الأزهار الرطبة لتحولها إلى عسل مصفى فيه شفاء للناس، وإما جعلا يذهب إلى المزابل فيختار منها الأوساخ ويدهدهها فيرجع بأسوأ الأوساخ وأقبح الروائح التي تنفر منها الطباع: ?اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ (19)? [المجادلة].[/color]