إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(02)مفتاح باب الريان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (02)مفتاح باب الريان


    تابع للمقدمة:

    وهناك في تلك البلاد -بلاد الحياة السعيدة في الجنة- منازل ومقرات وأبواب لكل فوج من أهلها للدخول فيها وسكناها مفاتيح، يصنعها كل واحد من المسافرين بنفسه، في دنياه، ولكنه لا يحمل مفتاحه أو مفاتيحه في جيبه عند سفره، كما يفعل ضيوف الفنادق في الدنيا، عندما تخصص لكل منهم غرفة معينة، يعطى مفتاحا لغرفته لا يفتحها إلا مفتاحه، كما أن مفتاحه، لا يفتح إلا غرفته.

    فقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أنْفَقَ زَوْجَينِ في سبيل الله ، نُودِيَ من أبواب الجنة ). وفي رواية: نودي في الجنة: يا عبدَ الله، هذا خير، فَمَنْ كان من أهلِ الصلاة، دُعِيَ من باب الصلاة، ومَنْ كان من أهلِ الجهاد، دُعِيَ من باب الجهاد، ومَنْ كان من أهل الصدقةِ، دُعِيَ من باب الصدقة، ومَنْ كان من أهل الصِّيام، دُعِيَ من باب الرَّيَّانِ، فقال أبو بكر الصِّدِّيق - رضي الله عنه - يا رسول الله، ما على أحد يُدعَى من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلِّها ؟ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (نعم ، وأرجو أن تكونَ منهم يا أبا بكر). [البخاري ومسلم وغيرهما]

    قوله: (من أنفق زوجين) المقصور بالزجين -هنا- صنفان من المال، كطعام ولباس ونحوهما، وقوله (في سبيل الله) يشمل كل أنواع الجهاد، من تجهيز غاز، أو بناء مسجد، أو إطعام جائع، أو غير ذلك، كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح، والإمام النووي في شرح صحيح مسلم، الأبواب التي أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث تدل على العموم، والجهاد بمعنى القتال باب من أبواب "في سبيل الله". وقد ذكر في الحديث أمثلة لمفاتيح أبواب منازل أهل الجنة، كما هو واضح.

    وليس معنى دعوة أهل الصدقة من باب الصدقة، أو أهل الجهاد من باب الجهاد، إلى آخره، أن ما صنعه كل منهم من مفتاح في الدنيا لذلك الباب، أنه لم يصنع شيئا من ألأبواب الأخر، بل المقصود أن غالب عمله كان في الباب الذي دُعِي في الجنة إلى الدخول منه.

    وفي الحديث الفضل العظيم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث سأل الرسول صلى الله عليه وسلم، سؤال طامعا في الحصول على مفاتيح كل الأبواب التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال رضي الله عنه: "فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلِّها"؟ فكان جوابه الرسول له مبشرا له بإمكان حصوله على ما طمع فيه، وأنه يستحقه: (وأرجو أن تكونَ منهم يا أبا بكر).

    وهكذا تكون نفوس العظماء الكبار، لا تقنع بما يقنع به غيرهم من الخير والثواب العظيم. وهناك حديث آخر بشر لرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر بدخول الجنة، لصنعه مفاتيح كثيرة لأبواب كثيرة من أبواب الجنة، كما روى أبوهريرة - رضي الله عنه - أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوما: (من أصبحَ منكم اليوم صائما؟) قال أبو بكر الصِّدِّيق: "أنا "قال: (فمن تَبِع منكم اليوم جنازة ؟) قال أبو بكر: "أنا" قال: (فَمَنْ أطعم منكم اليومَ مِسْكِينا؟) قال أبو بكر: "أنا،" قال: (فمن عاد منكم اليوم مريضا؟) قال أبو بكر: "أنا" قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : (ما اجْتَمَعْنَ في رجل إلا دخل الجنة). [صحيح مسلم].

    وشاهد الباب -هنا-قوله صلى الله عليه وسلم: (ومَنْ كان من أهل الصِّيام، دُعِيَ من باب الرَّيَّانِ) وتسمية باب الصيام بـ"الريان" تناسب الصائمين، الذين يكابدون الجوع والعطش في صيامهم، وبخاصة في أوقات الهاجرة الشديدة الحرارة في دنياهم، فجازاهم الله بما يستحقون من "الري" في أخراهم.



يعمل...
X