أسرتي الكريمة، أنا أبوكم عبد الله الأهدل.
كل واحد منا يهمه التفكير في أمور الدنيا، وحاجاتها، ويجتهد في الحصول على ما يهمه ويحتاجه، وكل شيء يفكر به ويهتم به، من شراب وغذاء، وصحة ودواء، ومنزل وأثاث، وأدوات مواصلات واتصال، وكل متاع في الحيات الدنيا، والله تعالى يقدر له في حياته ما يشاء، لا يمكن أن يحصل إلا على ما يقدره الله له، ولا يقد أحد على حرمانه مما قدره الله له، ولا يوصل إليه ما لم يقدره الله له، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لن تموت نفس حتى تستوفيها رزقها وأجلها) وتفكير الإنسان فيما ينفعه وسعيه في حصوله على ذلك سبب من الأسباب التي شرعها الله له، ما دام سعيه حلالا له في شرع الله.
ولكن هذا التفكير وهذا السعي، لا يجوز أن يلهيه عن طاعة الله في حياته، وعن تفكيره فيما يلقى به ربه مما يحبه الله تعالى منه، وما سيلقاه بعد مفارقته لهذه الحياة، فالحياة في الدنيا قصيرة، والحياة الأبدية، هي في الرحلة إلى القبر التي تعتبر مجرد زيارة، كما قال تعالى: (حتى زرتم المقابر) ثم البعث يوم القيامة، الذي ذكر الله تعالى: أن مقداره خمسون ألف سنة، {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)} [سورة المعارج] هذا يوم القيامة فقط، الذي يبقى العباد فيه ينتظرون عرض أعمالهم إلى الله. هذا اليوم يجب على المخلوقين أن يفكروا فيه، ويعدو له ما يقربهم إلى الله وينجيهم من عذابه.
وهنا أحب أن أنبه أسرتي التي كنت أبعث للبالغين فيها، من الأبناء والبنات، بعض الرسائل التي يبعثها لي بعض الأصدقاء، وأستحسن اطلاعها عليها لما فيها من فائدة، بدون تعليق، كما كنت أرسل بعض الحلقات الخاصة مني لبعضهم دون بعض، لإدراكي عدم ضرورة بعثها لكل أفراد الأسرة، مراعاة لظروفهم ومشاغلهم.
أما هذه الحلقات [أثر التربية الإسلامية في الفرد والأسرة والمجتمع] التي أبعثها الآن لكل أفراد أسرتي، الذين يمكنهم قراءتها والاستفادة منها، [كما أبعثها لأصدقائي] لما أعلم ويعلم غيري من الهجمة الشديدة، من أعداء الإسلام على القضاء على ترابط الأسرة المسلمة، ليصلوا إلى أهدافهم، وأهمها، القضاء التام على ترابط المجتمع الإسلامي، المتمسك بإسلامه، وأخلاقه وعاداته التي فقدها أعداء الإسلام، في مجتمعاتهم، فتخلخل بناء عامة أسرهم، وتشتت شملها.
وتبع ذلك هدم روابط مجتمعاتهم، حتى أصبحوا مضطرين، لتخصيص أيام في السنة بسمونها أعياد، كيوم عيد ميلاد كل فرد من أفرادهم، ومنها يوم عيد الأم، التي لا تجد من يزورها من أبنائها، ولو مرة في السنة، فلا تجد من يخدمها إذا مرضت إلا الكلب إذا كانت قادرة على شرائه، وإذا ماتت في غرفتها، لا تجد من يبلغ عن موتها، إلا رائحة جثتها التي تشمها أنوف جيرانها، بعد زمن يطول أو يقصر، وهكذا الآباء والإخوان، وجميع الأقارب.
وعندما علموا ترابط أسر المسلمين التي أذهلتهم، بسبب تمسكهم ببعض ما رباهم عليه دينهم، جن جنونهم، وصمموا على تطبيق ما شرعوه هم للقضاء على ترابط أسرهم ومجتمعاتهم، وما أصابهم من التفرق والتشتت والتمزق، في أفرادهم وأسرهم ومجتمعاتهم، حتى أصبح تناقص مواليدهم المشروعة - وهي قليل – والمسفوحة، وهي كثير، أصبح ذلك يزعجهم، وفي مقابل ذلك، أزعجهم ويزعجهم كثرة أعداد المسلمين، المشروعة، وليست المسفوحة.
ولا أريد أن أطيل في هذا الموضوع الذي ألفت فيه كتب، ووضعت فيه قوانين ومواثيق في هيئات الأمم المتحدة، وقوانينها، وطلبوا من جميع دول العالم التوقيع عليها وتطبيقها، على شعوبهم، حتى لا تكون فيها أسر، ولا توجد فيها مجتمعات، فيها بقية من ترابط، وأدخلوا كل ذلك فيما سموه بحقوق الإنسان، ومن يريد التوسع في معرفة هذا البلاء الذي أرادوا منه هدم الأسرة في العالم، وبخاصة العالم الإسلامي، فليعد إلى تلك الوثائق والقوانين، التي بدأت تطبق، في العالم ومنها بلدان المسلمين، في مشروع العلمنة العالمية، وأذكر لمن يرغب في ذلك، كتابين: الكتاب الأول: المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة، للمهندسة، كاميليا حلمي محمد. والثاني: العلمانية العدو الأكبر للإسلام، لمحمد إبراهيم مبروك.
وسأحاول اختصار الحلقات، حتى تثقل قراءتها على بعض القارئين.