الحمد لله خلق فأحسن الخلق ، ورزق وتكفل بالرزق . وجه فأحسن التوجيه ودعا إلى الطريق الوجيه . أحب لعباده الوئام والخير والسلام . وكره لهم الفرقة والشر ، الذي من سلكه تعثر . وأنزل بذلك كتبا ، وأرسل رسلا. فكان الحق واضحا، والطريق بينا. سبحانه ما أوصله ، وتعالى ما أعظمه وأرحمه . والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . بين أحسن بيان ، بالممارسة واللسان . ومن سار على نهجه ، واقتفى أثره ، واستن بسنته . إلى يوم القيامة . ألف الله به القلوب المتنافرة ، وأصلح الله به النفوس المتناحرة ، ووحد به القبائل المتباعدة ، وأيقظ به الأمم السادرة . من اهتدى به رشد، وأصلح وأرشد . ومن جانبه غوى ، وشقي وأغوى. تركنا على المحجة ، بيضاء نقية . لايزيغ عنها إلا هالك ، جفى نور السالك . عقبات في طريقة الوحدةعودة وحدة الأمة تعني عودة عزتها ورفعتها ومنعتها وتحصين حماها ، وحفظ مقاصدها وكلياتهاوقد أصيبت بمكمن حين انفرط عقد وحدتها ، وعانت مرارة الذلة الناجمة عن تشتتها ؛لم يرع فيها عدوها إلا ولا ذمة
انفراط عقد الوحدة الإسلامية على يد مصطفى كمال بعد توفرعدد من الأسباب الداخلية والخارجية أدت إلى ذلك ؛ ليس هذا مكان بسطها ، لكن بالإمكان ذكر بعضها تضمينا عند استعراض عقبات العودة ... فما هي العقبات التي مازالت تعترضتنمية الوحدة ؟ وكيف نتجاوزها ؟من العقبات التي تعترض تنمية الوحدة سوء الفهم أو الجهل عند جمهور عريض في الأمة بمكانة الوحدة في المنهج الإسلامي وفي كونها صمام أمان لحفظ كيان الأمة دما وعرضا ومالا ودينا ... ومن نتائج الجهل محاربة الوحدة فمثلا تتعالى صيحات مغرضة تدعو إلى بعثرة ما حقق من تنمية للوحدة في بعض أجزاء الوطن الإسلاميبحجج واهية أوهى من بيت العنكبوت ففي اليمن الموحد -مثلا- ترتفع صيحات تدعو إلى تفتيت الوحدة بحجة المعاملة السيئة من السلطة واستطاعت هذه الدعايات أن تجد مكانا عند البعض بسبب الجهل بمكانة الوحدة وأنها دين لا يصح لأي مسلم أن يساوم في الوحدة مهما كانت الدواعي ... وتحميل الوحدة أخطاء يقع فيها البعض مد عاة إلى العجب ... * مرض في بعض النفوس أسمه أنانيات وعنصريات ضيقة لا يستسيغ المرضى بها العيش تحت ظلال التوحد الحروب القائمة في الشعوب الإسلامية سواء أكانت عسكرية أو سواها تعتبر في نظر المطلع حربا على وحدة الأمة الإسلامية التي هي بمثابة الدرع الواقي الذي حفظ لها مقاصدها في السابق ويهدف الغيورون في الأمة أن تعود لتحميها من جديد بعد حماية الله لها... الحرب في العراق وفي الصومال وفي الأفغان وفي اليمن ... تصب في مصب عرقلة الوحدة التي بدأت تلوح في الأفق والذين يذكونها من داخل الأمة هم وكلاء للعدو المتربص مهما كانت أهدافهم التكتيكية فاختلاف وجهات النظر تحل بغير التمترس وراء آلة الحرب التي تطعن الوحدة في الخاصرة أو وراء الظلم الواقع من البعض في جانب الحرية أو الفقر والعوز والاستبداد ...الحوار طريق إلى حل الإشكالات إذا أحسن الجميع فقه الاختلاف وأنصف كل طرف الطرف الآخر ... حرب صعدة في اليمن لن تحقق سوى القتل والدمار بين الأخوة والأبرياء والإساءة إلى الوحدة التي تعتبر دينا وما زال المرء في فسحة من دينه حتى يريق دما حراما ... والنتيجة التي ستئول إليها المواجهات هي الخسارة فحسب فلن يرجع الماضي المتخيل عند البعض ولن يفيد إغفال الإساءة إلى الشعوب ؛ وهي مسألة مكررة في التأريخ فإن الله غيور على دينه وعباده سبحانه لا بأمن الناس ذو بغي ولو ملكا جنوده ضاق عنها السهل والجبلوحدة الأمة تحت ظلال دوحة الإيمان وفي أفياء الشريعة الغراء قدر كل مسلم بله كل إنسان على وجه الأرض ؛ فقد خسر العالم كله جراء انفراط الوحدة الإسلامية بشهادة المنصفين من غير المنتمين لهذ الدين حيث عاشت الأمم غير الإسلامية تحت ظلال الدولة الإسلامية مستوفاة الحقوق ؛ ولهذا فقد دخلت شعوب وجماعات هذا الدين بقناعة تامة مثمنين مكانة الحقوق في المنهج الإسلامي العظيم ؛ وقد كتب الشيخ الجليل أبو الحسن الندوي كتابه القيم- ما ذا خسر العالم بانحطاط المسلمين استجابة لهذه الحقيقة الناصعة ... بوحدة المسلمين على الجادة بعد عون الله حفظت الحقوق ، وصينت الأعراض والحريات والأموال والدماء ؛ ولو أن الشعوب غير الإسلامية وعت هذا الأمر لظلت تطالب بتنمية الوحدة الإسلامية كي تنال حقوقها كاملة ويخلو العالم من التطاحن والظلم الواقع على كثير من المستويات ... ولكن ما يندى له الجبين أن في الأمة الإسلامية من يطعن في خاصرة الوحدة من داخلها ، ويحاربها في عقر دارها ؛جهلا بمكانتها عند الله وفي منهج الله مسئولية الوحدة تقع على عاتق الجميع فالسلطة قدرها أن ترفع الظلم وتبسط العدل وتترفع عن المال العام وتنظر إلى المعارضة أنها مكملة لها ومعينة لها في تحمل المسئولية وإعطاء الحقوق والمعارضة كذلك مطالبة أن تجعل تنمية الوحدة نصب عينها ، ولا تضع في أهدافها ووسائلها وأساليبها ما يسيء إلى الوحدة الإسلامية بأي حال من الأحوال ... التوحد فرض والوحدة فريصة ليس هناك أحد يخالف ذلك فالنصوص القرآنية والسنية ، والسيرة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين أدلة قاطعة في ذلك ..
علاقة الحوار بالوحدة لا يخفى ؛ فإنه يؤلف القلوب ، ويزيل الاحتقانات ، وما يعترض الوحدة من عقبات ...
مكانة الحوار في المنهج الإسلامي في تنمية الوحدة واضح لا يحتاج إلى تدليل ففي القرآن والسنة من حيث العموم حوارات كثيرة كحوارات الأنبياء مع أممهم وحوارات مؤمنين مع كفار وحوارات عوالم أخرى ... وثمة أدلة خاصة في تقنين سير الحوار ؛ من أسس ووسائل وأساليب : مثل قوله تعالى [ وجادلهم بالتي هي أحسن ] وقوله تعالى [والله يسمع تحاوركما ] وقوله تعالى [ وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ] والقول البليغ يستدعي حوارا قل أم كثر ... وقد تعدت وظيفة الحوار إلى خارج الأمة وحفلت النصوص والمواقف العملية على ذلك - كونها وظيفة أساسية للأمة - دعوة الآخرين إلى الله كونها مسئولة أمام الله عن توصيل منهجه إلى عباده جميعا ؛ وهذا ما يقتضيه كثير من النصوص منها قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28))
(وبلغوا عني ولو آية) و(أرسلت إلى الناس كافة
ولا يمكن إيصال محاسن المنهج الرباني إلى خارج الأمة إلا بتحقيقه فيها ، واجتماعها ووحدتها الحوار البناء ومد البساط للآخرين كي يسمعوا راغبين محبين فيتضح لهم أمر الإسلام على ما هو عليه ليقرروا بناء على ذلك مستقبلهم وتكون الأمة قد بلغت البلاغ المبين ، والبلاغ المبين يحمل دلالات عظيمة فيما يتعلق بوصف البلاغ المبين ، وفي قول الله تعالى [ فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء ] توضيح لهذه الإبانة حيث تدل الآية على أن البيان المطلوب هو الذي يجعل المدعو مساويا في فهم الرسالة للداعي إليها وكون العلماء ومن يخصهم وضع الأسس والوسائل والأساليب لإنجاح الغرض من الحوار يعطي أهمية للحوار وهو لبنة في بناء تحسس الأمة وظيفتيها الأساسية : البنائية والمعيارية لتحقيق هدفي التدعيم والتعميم... الدعوة إلى الله وتعميم الرسالة الخالدة إلى العالمين بتوفيق من الله ولا ينبغي أن نكون خائفين من الحوار مع الآخرين لأن ديننا بمنهجيته المتوائمة مع الفطرة السليمة هو المنتصر طالما وجد محاورون أكفاء ؛يعون عالمية الإسلام ويحسنون فهمه وعرضه ... وأريد أن نركز على الحوار الداخلي مع أنفسنا ، ابتداء من ذواتنا وأهلنا وأولادنا و... حتى نفلح في حوارنا مع غيرنا ... والنصوص الآتية تحدد أهمية انطلاق الحوار من الذات -ذات المرسل - وهو الأمة أفرادا وجماعة ... قال تعالى :{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)
وقد تحققت إنجازات في مسيرة الحركة الإسلامية في ظل التحرك الإسلامي للعودة إلى الوحدة الإسلامية العظيمة لكن ينبغي مراعاة معايير مهمة للإفادة في موضوع الحوار منها :
1- فهم مصطلح الحركة الإسلامية حيث يتبين من لفظ الحركة أن المقابل للحركة السكون ، وعليه فإن كل حركة تؤدي وظيفة للإسلام هي داخلة في هذا المصطلح سواء أكانت من الفرد أو من المجموعة في السابق أو اللاحق حتى يشعر الجميع أنه مشارك في هذا المشروع الكبير فلا يقف موقف المعادي أو المحايد ...
2- للسابق فضله في هذا وهو منهج ثابت ثبوت الجبال الرواسي يتضح هذا من كثير من النصوص وكذلك التطبيقات العملية في السيرة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين ؛ فقد أثنى الله تعالى على السابقين من المهاجرين والأنصار ولأهل بدر مزية المغفرة مهما عملوا ونهي المتأخرين من الصحابة أن ينالوا من السابقين منهم ...
3- كلكم خطاء وخير الخطائين التوابون ... فلا يخلو عمل من خطأ وهي سنة ثابتة جائزة على البشر إلا من عصمه الله فيجب أن ينظر إلى هذا عند معالجة الأخطاء أن وجدت بروح رياضية ونفس صافية راضية وليشعر الناقد أنه ينقد ذاته ويسدد ويقارب وهي مسالك مطلوبة شرعا ودينا دلت عليها النصوص من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ...
4- كل مؤمن ومؤمنة يهمه أمر الحركة الإسلامية في مسيرتها المباركة والجميع مستفيد منها في دنياه وأخراه فيجب أن يتبناها الجميع ويتعاونوا على إنجاحها
5- أن يبدأ اللاحق من حيث انتهى السابق لا العكس حتى لا تضيع الجهود والأوقات فيما قد بني
6- الاتكاء على التقوى والورع عند التقويم وتلمس العذر حتى لايبقى مسلك من المسالك للوصول إلى ذلك ...
-------------------
1- سورة سبأ
انفراط عقد الوحدة الإسلامية على يد مصطفى كمال بعد توفرعدد من الأسباب الداخلية والخارجية أدت إلى ذلك ؛ ليس هذا مكان بسطها ، لكن بالإمكان ذكر بعضها تضمينا عند استعراض عقبات العودة ... فما هي العقبات التي مازالت تعترضتنمية الوحدة ؟ وكيف نتجاوزها ؟من العقبات التي تعترض تنمية الوحدة سوء الفهم أو الجهل عند جمهور عريض في الأمة بمكانة الوحدة في المنهج الإسلامي وفي كونها صمام أمان لحفظ كيان الأمة دما وعرضا ومالا ودينا ... ومن نتائج الجهل محاربة الوحدة فمثلا تتعالى صيحات مغرضة تدعو إلى بعثرة ما حقق من تنمية للوحدة في بعض أجزاء الوطن الإسلاميبحجج واهية أوهى من بيت العنكبوت ففي اليمن الموحد -مثلا- ترتفع صيحات تدعو إلى تفتيت الوحدة بحجة المعاملة السيئة من السلطة واستطاعت هذه الدعايات أن تجد مكانا عند البعض بسبب الجهل بمكانة الوحدة وأنها دين لا يصح لأي مسلم أن يساوم في الوحدة مهما كانت الدواعي ... وتحميل الوحدة أخطاء يقع فيها البعض مد عاة إلى العجب ... * مرض في بعض النفوس أسمه أنانيات وعنصريات ضيقة لا يستسيغ المرضى بها العيش تحت ظلال التوحد الحروب القائمة في الشعوب الإسلامية سواء أكانت عسكرية أو سواها تعتبر في نظر المطلع حربا على وحدة الأمة الإسلامية التي هي بمثابة الدرع الواقي الذي حفظ لها مقاصدها في السابق ويهدف الغيورون في الأمة أن تعود لتحميها من جديد بعد حماية الله لها... الحرب في العراق وفي الصومال وفي الأفغان وفي اليمن ... تصب في مصب عرقلة الوحدة التي بدأت تلوح في الأفق والذين يذكونها من داخل الأمة هم وكلاء للعدو المتربص مهما كانت أهدافهم التكتيكية فاختلاف وجهات النظر تحل بغير التمترس وراء آلة الحرب التي تطعن الوحدة في الخاصرة أو وراء الظلم الواقع من البعض في جانب الحرية أو الفقر والعوز والاستبداد ...الحوار طريق إلى حل الإشكالات إذا أحسن الجميع فقه الاختلاف وأنصف كل طرف الطرف الآخر ... حرب صعدة في اليمن لن تحقق سوى القتل والدمار بين الأخوة والأبرياء والإساءة إلى الوحدة التي تعتبر دينا وما زال المرء في فسحة من دينه حتى يريق دما حراما ... والنتيجة التي ستئول إليها المواجهات هي الخسارة فحسب فلن يرجع الماضي المتخيل عند البعض ولن يفيد إغفال الإساءة إلى الشعوب ؛ وهي مسألة مكررة في التأريخ فإن الله غيور على دينه وعباده سبحانه لا بأمن الناس ذو بغي ولو ملكا جنوده ضاق عنها السهل والجبلوحدة الأمة تحت ظلال دوحة الإيمان وفي أفياء الشريعة الغراء قدر كل مسلم بله كل إنسان على وجه الأرض ؛ فقد خسر العالم كله جراء انفراط الوحدة الإسلامية بشهادة المنصفين من غير المنتمين لهذ الدين حيث عاشت الأمم غير الإسلامية تحت ظلال الدولة الإسلامية مستوفاة الحقوق ؛ ولهذا فقد دخلت شعوب وجماعات هذا الدين بقناعة تامة مثمنين مكانة الحقوق في المنهج الإسلامي العظيم ؛ وقد كتب الشيخ الجليل أبو الحسن الندوي كتابه القيم- ما ذا خسر العالم بانحطاط المسلمين استجابة لهذه الحقيقة الناصعة ... بوحدة المسلمين على الجادة بعد عون الله حفظت الحقوق ، وصينت الأعراض والحريات والأموال والدماء ؛ ولو أن الشعوب غير الإسلامية وعت هذا الأمر لظلت تطالب بتنمية الوحدة الإسلامية كي تنال حقوقها كاملة ويخلو العالم من التطاحن والظلم الواقع على كثير من المستويات ... ولكن ما يندى له الجبين أن في الأمة الإسلامية من يطعن في خاصرة الوحدة من داخلها ، ويحاربها في عقر دارها ؛جهلا بمكانتها عند الله وفي منهج الله مسئولية الوحدة تقع على عاتق الجميع فالسلطة قدرها أن ترفع الظلم وتبسط العدل وتترفع عن المال العام وتنظر إلى المعارضة أنها مكملة لها ومعينة لها في تحمل المسئولية وإعطاء الحقوق والمعارضة كذلك مطالبة أن تجعل تنمية الوحدة نصب عينها ، ولا تضع في أهدافها ووسائلها وأساليبها ما يسيء إلى الوحدة الإسلامية بأي حال من الأحوال ... التوحد فرض والوحدة فريصة ليس هناك أحد يخالف ذلك فالنصوص القرآنية والسنية ، والسيرة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين أدلة قاطعة في ذلك ..
علاقة الحوار بالوحدة لا يخفى ؛ فإنه يؤلف القلوب ، ويزيل الاحتقانات ، وما يعترض الوحدة من عقبات ...
مكانة الحوار في المنهج الإسلامي في تنمية الوحدة واضح لا يحتاج إلى تدليل ففي القرآن والسنة من حيث العموم حوارات كثيرة كحوارات الأنبياء مع أممهم وحوارات مؤمنين مع كفار وحوارات عوالم أخرى ... وثمة أدلة خاصة في تقنين سير الحوار ؛ من أسس ووسائل وأساليب : مثل قوله تعالى [ وجادلهم بالتي هي أحسن ] وقوله تعالى [والله يسمع تحاوركما ] وقوله تعالى [ وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ] والقول البليغ يستدعي حوارا قل أم كثر ... وقد تعدت وظيفة الحوار إلى خارج الأمة وحفلت النصوص والمواقف العملية على ذلك - كونها وظيفة أساسية للأمة - دعوة الآخرين إلى الله كونها مسئولة أمام الله عن توصيل منهجه إلى عباده جميعا ؛ وهذا ما يقتضيه كثير من النصوص منها قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28))
(وبلغوا عني ولو آية) و(أرسلت إلى الناس كافة
ولا يمكن إيصال محاسن المنهج الرباني إلى خارج الأمة إلا بتحقيقه فيها ، واجتماعها ووحدتها الحوار البناء ومد البساط للآخرين كي يسمعوا راغبين محبين فيتضح لهم أمر الإسلام على ما هو عليه ليقرروا بناء على ذلك مستقبلهم وتكون الأمة قد بلغت البلاغ المبين ، والبلاغ المبين يحمل دلالات عظيمة فيما يتعلق بوصف البلاغ المبين ، وفي قول الله تعالى [ فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء ] توضيح لهذه الإبانة حيث تدل الآية على أن البيان المطلوب هو الذي يجعل المدعو مساويا في فهم الرسالة للداعي إليها وكون العلماء ومن يخصهم وضع الأسس والوسائل والأساليب لإنجاح الغرض من الحوار يعطي أهمية للحوار وهو لبنة في بناء تحسس الأمة وظيفتيها الأساسية : البنائية والمعيارية لتحقيق هدفي التدعيم والتعميم... الدعوة إلى الله وتعميم الرسالة الخالدة إلى العالمين بتوفيق من الله ولا ينبغي أن نكون خائفين من الحوار مع الآخرين لأن ديننا بمنهجيته المتوائمة مع الفطرة السليمة هو المنتصر طالما وجد محاورون أكفاء ؛يعون عالمية الإسلام ويحسنون فهمه وعرضه ... وأريد أن نركز على الحوار الداخلي مع أنفسنا ، ابتداء من ذواتنا وأهلنا وأولادنا و... حتى نفلح في حوارنا مع غيرنا ... والنصوص الآتية تحدد أهمية انطلاق الحوار من الذات -ذات المرسل - وهو الأمة أفرادا وجماعة ... قال تعالى :{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)
وقد تحققت إنجازات في مسيرة الحركة الإسلامية في ظل التحرك الإسلامي للعودة إلى الوحدة الإسلامية العظيمة لكن ينبغي مراعاة معايير مهمة للإفادة في موضوع الحوار منها :
1- فهم مصطلح الحركة الإسلامية حيث يتبين من لفظ الحركة أن المقابل للحركة السكون ، وعليه فإن كل حركة تؤدي وظيفة للإسلام هي داخلة في هذا المصطلح سواء أكانت من الفرد أو من المجموعة في السابق أو اللاحق حتى يشعر الجميع أنه مشارك في هذا المشروع الكبير فلا يقف موقف المعادي أو المحايد ...
2- للسابق فضله في هذا وهو منهج ثابت ثبوت الجبال الرواسي يتضح هذا من كثير من النصوص وكذلك التطبيقات العملية في السيرة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين ؛ فقد أثنى الله تعالى على السابقين من المهاجرين والأنصار ولأهل بدر مزية المغفرة مهما عملوا ونهي المتأخرين من الصحابة أن ينالوا من السابقين منهم ...
3- كلكم خطاء وخير الخطائين التوابون ... فلا يخلو عمل من خطأ وهي سنة ثابتة جائزة على البشر إلا من عصمه الله فيجب أن ينظر إلى هذا عند معالجة الأخطاء أن وجدت بروح رياضية ونفس صافية راضية وليشعر الناقد أنه ينقد ذاته ويسدد ويقارب وهي مسالك مطلوبة شرعا ودينا دلت عليها النصوص من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ...
4- كل مؤمن ومؤمنة يهمه أمر الحركة الإسلامية في مسيرتها المباركة والجميع مستفيد منها في دنياه وأخراه فيجب أن يتبناها الجميع ويتعاونوا على إنجاحها
5- أن يبدأ اللاحق من حيث انتهى السابق لا العكس حتى لا تضيع الجهود والأوقات فيما قد بني
6- الاتكاء على التقوى والورع عند التقويم وتلمس العذر حتى لايبقى مسلك من المسالك للوصول إلى ذلك ...
-------------------
1- سورة سبأ