روت عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي، فَوَفَى جُمَيْمَةً (1)
فَأَتَتْنِي أُمِّي، أُمُّ رُومَانَ، وَإنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، (2) وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لاَ أَدْرِي مَا تُرِيد بِي؛
فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لأَنْهِجُ (3) حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِى.
ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ؛(4).
فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى، (5) فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ " [البخاري ومسلم]
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،
في هذا الحديث من بساطة الزفاف الأمور الآتية:
الأمر الأول: عدم تكلف الإعداد للزفاف الذي يفعله المسلمون اليوم وقبل اليوم، من تخصيص أيام كثيرة لإعداد العروس المبالغ فيه وترتيب جسمها بمود عديدة، من حنا وصباغات وغيرها، فقد دعت أم رومان، ابنتها "عائشة" وهي تلعب ليست على علم ماذا تريد بها، وكانت دعوتها لها، لتزفها إلى أعظم زوج في الدنيا، ولم تزد أن أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهها وَرَأِسها.
الأمر الثاني: أن صالة أفراح عائشة كانت دار أبيها، ولم يزد النسوة اللاتي حضرن زفافها على أن هنأنها، بهذه الكلمات: " عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ"، وأصلحن من شأنها، فلا رقص ولا دفوف ولا موسيقى ولا صخب كما يفعل اليوم الناس في الزفاف، وإن كان بعض هذه الأمور جائزا في أفراح الزواج.
الأمر الثالث: تسليم أم رومان ابنتها - أفضل عروس - لزوجها - وهو أفضل زوج - ضحى يعني في النهار، وليس كما يفعل الناس اليوم، يبقى النساء ليلة كاملة من بعد العشاء إلى طلوع الشمس، وهن في فرح ومرح ورقص وموسيقى وملابس غير لائقة، وإن كن كلهن نساء... بل والتقاط صور لهن في تلك الحالة قد بين رجا أجانب عنهن.
الأمر الرابع: عدم الإسراف الذي يرهق الأزواج، ويجعل كثيرا منهم يبقون فترات طويلة، يسددون ديونهم، وقد يموتون وهم مدينون.،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،
(1) وَهِيَ: الشَّعْر النَّازِل إِلَى الْأُذُنَيْنِ وَنَحْوهمَا
(2) (الْأُرْجُوحَة) بِضَمِّ الْهَمْزَة هِيَ خَشَبَة يَلْعَب عَلَيْهَا الصِّبْيَانُ وَالْجَوَارِي الصِّغَار ,
(3) وإني لأنهج بفتح الهاء أي أنفخ من التعب
(4) (الطَّائِر) الْحَظّ يُطْلَق عَلَى الْحَظّ مِنْ الْخَيْر وَالشَّرّ , وَالْمُرَاد هُنَا عَلَى أَفْضَل حَظّ وَبَرَكَة
(5) وَفِيهِ جَوَاز الزِّفَاف وَالدُّخُول بِالْعَرُوسِ نَهَارًا , وَهُوَ جَائِز لَيْلًا وَنَهَارًا