إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تثبت الصحابة في رواية الحديث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تثبت الصحابة في رواية الحديث

    تثبت الصحابة في رواية الحديث
    12-01-2014, 12:40 am


    ‏‏عَنْ ‏ ‏أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ‏ ‏قَالَ ‏ "جَاءَ ‏ ‏أَبُو مُوسَى ‏ ‏إِلَى ‏ ‏عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ هَذَا ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ‏ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ هَذَا ‏ ‏أَبُو مُوسَى، ‏‏السَّلَامُ عَلَيْكُمْ هَذَا ‏‏الْأَشْعَرِيُّ،‏ ‏ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ رُدُّوا عَلَيَّ، فَجَاءَ فَقَالَ: يَا ‏ ‏أَبَا مُوسَى ‏ ‏مَا رَدَّكَ؟ كُنَّا فِي شُغْلٍ.

    قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏، ‏يَقُولُ:‏ (‏الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلَّا فَارْجِعْ). ‏قَالَ: ‏ ‏لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ، وَإِلَّا فَعَلْتُ وَفَعَلْتُ، فَذَهَبَ ‏ ‏أَبُو مُوسَى،‏ ‏قَالَ ‏ ‏عُمَرُ: ‏ ‏إِنْ وَجَدَ ‏ ‏بَيِّنَةً ‏‏تَجِدُوهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ عَشِيَّةً، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ‏ ‏بَيِّنَةً ‏ ‏فَلَمْ تَجِدُوهُ.

    فَلَمَّا أَنْ جَاءَ بِالْعَشِيِّ وَجَدُوهُ قَالَ: يَا ‏ ‏أَبَا مُوسَى‏ ‏مَا تَقُولُ أَقَدْ وَجَدْتَ؟
    قَالَ: نَعَمْ ‏ ‏أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ،‏ ‏قَالَ: عَدْلٌ. قَالَ: يَا ‏ ‏أَبَا الطُّفَيْلِ‏ ‏مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ‏‏يَقُولُ ذَلِكَ. يَا ‏ابْنَ الْخَطَّابِ،‏ ‏فَلَا تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى ‏ ‏أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.‏ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ.

    وفي رواية ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ: ‏ "‏أَنَّ ‏ ‏أَبَا مُوسَى ‏ ‏أَتَى بَابَ ‏ ‏عُمَرَ ‏فَاسْتَأْذَنَ فَقَالَ ‏ ‏عُمَرُ: ‏ ‏وَاحِدَةٌ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ ‏ ‏عُمَرُ: ‏‏ثِنْتَانِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:‏ ‏عُمَرُ:‏ ‏ثَلَاثٌ. ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتْبَعَهُ فَرَدَّهُ، فَقَالَ إِنْ كَانَ هَذَا شَيْئًا حَفِظْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَهَا،‏ ‏وَإِلَّا فَلَأَجْعَلَنَّكَ عِظَةً.

    قَالَ ‏أَبُو سَعِيدٍ:‏ ‏"فَأَتَانَا فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ‏قَالَ: ‏ ‏(الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ) قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ، قَالَ فَقُلْتُ: أَتَاكُمْ أَخُوكُمْ الْمُسْلِمُ قَدْ أُفْزِعَ، تَضْحَكُونَ! انْطَلِقْ فَأَنَا شَرِيكُكَ فِي هَذِهِ الْعُقُوبَةِ، فَأَتَاهُ فَقَالَ هَذَا ‏ ‏أَبُو سَعِيدٍ". [مسلم، ورواه البخاري بلفظ آخر عن بسر بن سعيد، عن أبي سعيد.]

    هذا الحديث يدل على حرص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، على التثبت، وقد صرح بذلك عمر في رده على أبي بن كعب عندما قال له: ‏"فَلَا تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى ‏ ‏أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ." ‏ قَالَ عمر: "سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ."


    مما ينسبه إليه الرواة، خشية من أن يزعم بعض أهل النفاق أو غيرهم ممن يأتي بعد الصحابة من أهل البدع أو الكذب، فيسند إليه صلى الله عليه وسلم، ما لم يقله أو يفعله.

    وقد احتج بهذا الحديث من لا يحتجون بخبر الواحد، فيسقطون بذلك غالب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رد العلماء على هذا الاحتجاج، ومنهم الإمام النووي رحمه الله في شرحه لروايات الحديث، ولهذا أنقل كلامه في ذلك"

    قال رحمه الله: "وأما قوله لايقوم معه الاأصغر الْقَوْمِ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ بَيْنَنَا مَعْرُوفٌ لِكِبَارِنَا وَصِغَارِنَا حَتَّى إِنَّ أَصْغَرَنَا يَحْفَظُهُ وَسَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

    ثم قال: " وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ يَقُولُ: لَا يُحْتَجُّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَزَعَمَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَدَّ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى هَذَا لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ، وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ وَقَدْ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ، وَدَلَائِلُهُ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَرَ.

    وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ لِأَبِي مُوسَى: أَقِمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ رَدُّ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ خَبَرُ وَاحِدٍ، وَلَكِنْ خَافَ عُمَرُ مُسَارَعَةَ النَّاسِ إِلَى الْقَوْلِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يقول عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُبْتَدِعِينَ أَوِ الْكَاذِبِينَ أَوِ الْمُنَافِقِينَ وَنَحْوِهِمْ مَا لَمْ يَقُلْ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ قَضِيَّةٌ وَضَعَ فِيهَا حَدِيثًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


    فَأَرَادَ سَدَّ الباب خوفا من غير أبى موسى، لاشكا فِي رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى، فَإِنَّهُ عِنْدَ عُمَرَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنْ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مالم يَقُلْ، بَلْ أَرَادَ زَجْرَ غَيْرِهِ بِطَرِيقِهِ فَإِنَّ مَنْ دُونِ أَبِي مُوسَى إِذَا رَأَى هَذِهِ الْقَضِيَّةَ أَوْ بَلَغَتْهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ أَوْ أَرَادَ وَضْعَ حَدِيثٍ خَافَ مِنْ مِثْلِ قَضِيَّةِ أَبِي مُوسَى فَامْتَنَعَ مِنْ وَضْعِ الْحَدِيثِ وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى الرِّوَايَةِ بِغَيْرِ يَقِينٍ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَرُدَّ خَبَرَ أَبِي مُوسَى لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ، أَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ إِخْبَارَ رَجُلٍ آخَرَ حَتَّى يَعْمَلَ بِالْحَدِيثِ.

    وَمَعْلُومٌ أن خبر الاثنين خبر واحد، وكذا مازاد حَتَّى يَبْلُغَ التَّوَاتُرَ، فَمَا لَمْ يَبْلُغِ التَّوَاتُرَ فهو خبر واحد، ومما يؤيده أيضا ماذكره مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ قَضِيَّةِ أَبِي مُوسَى هَذِهِ، أَنَّ أُبَيًّا رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، قال: يا بن الخطاب، فلاتكونن عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى كلام النووي.
يعمل...
X